سلسلة المفاهيم المالية "الإدارة المالية: مبادئ و أسس - الجزء الثالث"
(شريحة القراء: طلاب السنوات الأولى و الثانية)
مقدمة المقال:
لكي تتمكن أي منظمة أعمال سواء أكانت مؤسسة فردية أو شركة من تحقيق الهدف الأمثل و المتمثل في تعظيم القيمة السوقية لتلك المنظمة (تعظيم ثروة الملاك) فلا بد أن تقوم جميع الأقسام الإدارية الأخرى بوظائفها على أكمل وجه من أجل أن تحقق أهدافها أيضاً. فقسم إدارة الإنتاج في المنشأة الصناعية يسعى إلى زيادة الإنتاج بخط متوازي مع خفض التكاليف المباشرة للعملية الإنتاجية، أما قسم إدارة الموارد البشرية فيسعى بدوره إلى رفد المنشأة باليد الماهرة و الكفؤه و التي تزيد من كفاءة العملية الإنتاجية من خلال تقليل الانحراف المعياري للأخطاء المحتملة مما يزيد من فرص تحقيق الأهداف على أكمل وجه. وكذلك هو الحال بالنسبة لقسم التسويق و الذي يسعى إلى زيادة مبيعات المنظمة من سلعة أو خدمة ما و محاولة فتح أسواق جديدة مما يشكل دافعاً أقوى لتحقيق أهدافه.
إذاً، يتبين لنا مما سبق بأن على جميع الإدارات في المنشأة أن تتكاتف و تعمل كيد واحدة في سبيل النهوض في ذلك الكيان مما يحقق تعظيم الثروة. و إنطلاقا من ذلك برزت العديد من المداخل لتحديد أهداف الإدارة المالية حسب العلاقة بين العائد و المخاطرة و بين السيولة و الربحية... وهو حديثنا في هذه المقالة بالإضافة إلى التطرق إلى المهام و الوظائف المنوطة بالإدارة المالية و التي يمكن من خلالها حقيق أهداف الإدارة المالية.
أهداف المقال:
يتوقع من القارئ و بعد الإنتهاء من قراءة المقال أن يكون ملماً بما يلي:
- استيعاب مدخل " العلاقة بين الربحية و المخاطرة".
- استيعاب مدخل " العلاقة بين الربحية و السيولة".
- وظائف الإدارة المالية.
- معرفة المحاور الثلاثة التي تتمحور حولها قرارات الإدارة المالية
الجانب النظري:
أولاً- العلاقة بين الربحية و المخاطرة:
من وجهة نظر هذا المدخل فإنه من مهام المدير المالي وضع الأطر السليمة و الرشيدة التي تضمن تحقيق ربح معين عند مستوى مخاطرة معينة. أي يجب على المدير المالي أن يقوم بالموازنة بين تدفقات الأموال المتوقعة من النشاط الإستثماري و بين جميع المتغيرات المحيطة بذلك النشاط و التي تخلق بدورها سواء أكانت مجتمعة أم منفردة نوعاً من الخطر يؤدي بدوره إلى خسارة جزء أو جميع الأرباح المتوقعة مما يحتم على المدير المالي خلق نظام مالي رقابي دقيق يضمن السلامة المالية لمنظمة الأعمال.
إذاً، يتبين لنا مما سبق و حسب مدخل"الربحية و المخاطرة" فإن هنالك عدداً من أهداف الإدارة المالية و هي كما يلي:
1- مرونة أهداف المنظمة:
فكما ذكرنا سابقاً بأنه يجب على الإدارة المالية التأكد من أن تكون جميع أهداف المنظمة قابلة للتغيير بما يتناسب مع المتغيرات الداخلية و الخارجية مما يؤثر على إمكانية تحقيقها من عدمه، بحيث تستطيع من خلاله إعادة توزيع مصادر التمويل و إختيار ما يتناسب مع الوضع الراهن و كذلك هو الحال بالنسبة للبدائل الاستثمارية.
2- تحقيق الأرباح:
كما هو واضح، فإن هدف تحقيق الأرباح هو من الأهداف قصيرة الأجل في حين يتعين على الإدارة التركيز على الهدف الأسمى ألا وهو تعظيم تلك الأرباح و الوصول بالمنشأة إلى حالة تعظيم الثروة كهدف من الأهداف الطويلة الأجل.
3- الرقابة و تقليل المخاطر:
كما ذكرنا آنفاً، فإنه يجب على المدير المالي أن يكون على واعي تام بجميع المتغيرات المحطية به سواء أكانت داخلية والمتمثلة بالتغييرات الإدارية و توجهات مجلس الإدارة العامة و مما يمكن أن يتخذونه من قرارات تعد من صلب موضوع الإدارة المالية التي يمكن أن تؤثر بدورها على الأهداف النهائية للمنظمة و الخارجية كالعوامل الاقتصادية و السياسية و المتغيرات الإقليمية و التي من شأنها أن تخلق بيئة تنافسية ذات متغيرات عديدة . ونتيجة لذلك يتحتم على المدير المالي أن يكون لديه حس عالي تجاه المخاطر و القدرة على التنبؤ بما يمكن أن تؤل إليه الأمور و يبرز هنا أهمية التقارير المالية الدورية و التي تبين الوضع الحقيقي للمنشأة بما يتناسب و المعايير المالية الدولية سواء المتعلقة بالأنشطة الحسابية أو معايير الرقابة الدولية.
ثانياً- العلاقة بين الربحية و السيولة:
بناء على هذا المدخل فإنه يجب على المدير المالي أن يحقق هدفين أساسين ألا وهما : الربح و السيولة. الربح كما نعلم وذكرنا من قبل بأنه الهدف الأهم للإدارة بشكل عام أما السيولة LIQUIDITY فتعني بشكل مبسط قدرة المنشأة على الوفاء بإلتزاماتها سواء القصيرة أو الطويلة الأجل. فهي عبارة عن رصيد نقدي جاهز أو أصول يمكن تسييلها بسهولة ويقصد بالتسييل هنا سهولة تحويل أصل ما إلى نقدية في سبيل الوفاء بالالتزامات ومن أهم الأصول السائلة النقدية و المخزون والأوراق المالية التي من الممكن تحويلها إلى نقد بسرعة مثل السندات الحكومية و كذلك إحتياطي نقدي لمواجهة حالات العسر المالي أو مايمكن أن ينتج من متغيرات محيطة بالمنشأة.
ثالثاً- وظائف الإدارة المالية:
مما سبق، نتستج و بناءً على مداخل أهداف الإدارة المالية بأن هنالك عدداً من المهام التي يتوجب على المدير المالي القيام بها من أجل تحقيق أهداف المنشأة وهي كما يلي:
- تحديد مصادر الأموال اللازمة لبدأ النشاط و تحقيق الأرباح.
- القيام بعملية تسعير السلع و الخدمات المنتجة وهذا ينطبق على جميع المنشأة سواء أكانت تجارية أم صناعية أو خدمية بما يضمن تحقيق الأرباح المرجوة.
- تحديد الأرباح المتوقعة و التنبؤ بالتدفقات النقدية من خلال القيام بعملية التنبؤ بالمبيعات المستقبلية و التنبؤ بالارباح المستقبيلة والمتوقعة من البدائل الإستثمارية المتاحة و المفاضلة فيما بينها. مما يساعد على الوفاء بالالتزمات و تحقيق الأهداف المرجوة.
- ضبط التكاليف COST CONTROL و محاولة إبقائها عند مستويات منخفضة من خلال مواكبة التطورات التكنولوجية في مجال أنشطة المنظمة.
- يجب على المدير المالي معرفة حجم العائد المطلوب و المتوافق مع سياسة المخاطرة و توجهات المنشأة، وهنا تكمن أهمية قيام الإدارة المالية بتحديد تكلفة كل مصدر من مصادر التمويل المتاحة و حساب المتوسط الموزون لرأس المال WACC و إختيار الهيكل الأمثل لرأس المال OPTIMAL CAPITAL STRUCTURE والذي يتكون من مصادر داخلية والمتمثلة بحقوق الملاك أو حقوق الملكية EQUITY و أداوات الدين DEBT وإختيار النسب المثلى مما يحقق أقل مستوى لتكلفة رأس المال مع تعظيم للثروة.
الخاتمة:
إذاً، ومن خلال ماسبق إستعراضه نستنتج بأنه موضوعات قرارات الإدارة المالية تتلخص في ثلاثة محاور أساسية:
- المحور الأول: يدور حول القيام بعملية تخطيط وإدارة الاستثمارات الخاصة بالمنشاة من خلال استكشاف البدائل الاستثمارية المتاحه والمحققه للأرباح من خلال تحديد حجم الاستثمار والتدفقات المتوقعة منه, ومعرفة معدل العائد على الاستثمار وهو مايعرف بالموازنة الرأسمالية CAPITAL BUDGETING.
- المحور الثاني: فيتلخص بهيكل رأس المال CAPITAL STRUCTURE حيث تتم فيه كما ذكرنا سابقاً تحديد نسب التمويل من مصادرها الطويلة و القصيرة الأجل و ماهو المزيج الأنسب من كلاهما مما يعظم الثروة.
- المحور الثالث والأخير: فهو كيفية إدارة رأس المال العامل و الذي يتكون من رصيد النقدية سواء في المنشأة أو الرصيد البنكي و كذلك المدينون و المخزون و الحسابات الدائنة و أوراق الدفع حيث يتم التأكد من توافر الموارد الضرورية لإستمرارية النشاط الإستثماري وماهي المستويات التي يجب أن تبقى عندها تلك المكونات من أجل تحقيق الأهداف الرئيسية للمنشأة، مما يستدعي علينا لزاماً التطرق بشكل مفصل لكل ما ذكر أعلاه لأنه العمود الفقري لجميع من هو على وجه الأرض سواء أكان فردأ، منشأة، دولة ، فبدون الإدارة المالية لاطعم للحياة
التعليقات