قاعدة 80/20 .. كيف تحقق أكبر الأهداف باستخدام أقل الوسائل؟
عادةً يبذل الأشخاص مجهودات كبيرة جداً للوصول إلى أهداف معينة ربما تكون قليلة (وفي أكثر الأحيان يبذلون مجهودات كثيرة للوصول إلى أهداف قليلة). نحن نبذل جهوداً كثيرة ووسائل متعددة لا نستغلها جميعاً في تحقيق الأهداف بل نكاد لا نستفيد بأكثر من 20% منها لتحقيق الأهداف ونحن نسعى في هذه القاعدة للوصول إلى بذلك 20% من الجهد لتحقيق 80% من الأهداف.
تأتي أهمية هذه القاعدة من حيث إننا مطالبون بتقليص الهادر والمنفق في جهودنا ومواردنا عن طريق تطبيقها واقعياً يمكننا فعلاً استغلال أقل جهد ممكن للوصول لأكبر نتيجة مرجوة, كذلك فنحن عن طريق تطبيقنا لها سنتوجه للتركيز والاهتمام بأكثر الوسائل فعالية وأهم الموارد تأثيراً للوصول لأفضل النتائج.
هل هذه القاعدة دقيقة؟ وما أهميتها؟ كيف تعمل القاعدة؟ وكيف تطبق على الواقع الإداري؟
أول من وضع هذه القاعدة في الإدارة هو الاقتصادي الإيطالي الشهير "فيلفريدو باريتو" عام 1897 عندما وجد أن توزيع الثروة في مجتمعه هو بهذه النسبة فعلاً وأن الأثرياء القليلين هم الذين يتحكمون في نسبة لا تقل عن 80% من الثروة. وهذه القاعدة قاعدة تقريبية وصفية لما يحصل من وصولنا من جهة بذل الوسائل للوصول للأهدا, وقد تصدق بصورة دقيقة في بعض الأحيان بل إن بعض الإداريين يراها دقيقة لأكبر مدى ويرى أن تحققها أمر واقع بالتجربة.
كيف تعمل هذه القاعدة؟
عندما تريد أن تحقق غاية معينة فإنك تجمع لتحقيق هذه الغاية عدداً من الوسائل وعند تطبيق ذلك بالتجربة العملية ستجد أن كثيراً من هذه الوسائل لم ينتج لك الأثر المطلوب لتحقيق تلك الغاية وستجد أن بعض هذه الوسائل تدعم بعضاً وبعضها يضعف بعضاً وستجد أن الفعال من هذه الوسائل هو أصغر قدر وأنه سيحقق لك نسبة كبيرة من الغايات المطلوبة وأن نسبة كبيرة من الوسائل لم تحقق إلا شيئاً يسيراً أو لم تحقق شيئاً أصلاً.
القاعدة والتطبيق على الواقع الإداري:
الرقمان 20 و 80 هما رقمان افتراضيان والنسبة 20/80 لا تعني بالضرورة أن تحقيق 80% بالضبط من الأهداف يستدعي بالضبط فقط 20% من الوسائل بل إن المقصود هو أنه في التطبيق الواقعي الإداري تقترب النسبة الحقيقية من 20/80 فقد تكون 30/70 بمعنى أن 30% من الوسائل الفعالة تحقق 70% من الأهداف أو قد تكون 25/75 وقد تكون غير ذلك, وكذلك لا يشترط أن يكون مجموع الرقمين يساوي 100 بل يمكن للنسبة أن تكون مثلاً 40/90 وهو ما يعني أن 40% من الوسائل تحقق 90% من الأهداف وهكذا.
فنحن نتعامل مع نوعين من الأعداد: أعداد الوسائل يساوي 100% وأعداد الأهداف ويساوي 100%.
— في الواقع العملي:
1. في الأعمال التجارية: قد تأتي أكبر نسبة من الأرباح من نسبة قليلة جداً من المنتجات 80/20.
2. في الاستقراء والبحث: نحن نأتي بأكبر نسبة من الاستنتاجات عن طريق استعمال نسبة لا تتعدى خمس المعلومات المتاحة والأفكار المعروضة أي 20% فقط.
3. في مجال التربية: نحن لا نطبق مما نعرفه من مبادئ التربية أكثر من نسبة قليلة نحصل بها على أكثر ما نتمنى من النتائج.
4. في الموارد: يتحكم 20% من سكان العالم في 80% من موارده بينما يبقى الباقي لا يحصل إلا على النسبة الباقية يعانون الفقر والجوع.
— في التجارة واستثمار الأموال: عليك باتباع الآتي:
1. حدد لنفسك المهارات الأساسية التي تتقنها أو السلعات الأساسية التي تنتج أكبر ربح.
2. حاول التركيز على تلك المهارات وهذه السلعات وحاول الاستفادة بها بأكبر طاقة للاستفادة.
3. حاول تغيير أنماط عملك وغاياتك الربحية كل فترة ومعها حاول اختبار مهاراتك وسلعاتك الرابحة وانتبه للعلاقة المتلائمة بين وسائلك ومدى انتاجيتها.
— في الأجازات وأوقات الفراغ:
حدد أهم الأنشطة والهوايات التي تمنحك أكبر قدر من الراحة أثناء الأجازة وواظب عليها.
— في الإدارة والمشروعات الاستثمارية:
ربما يكون الاستخدام الأمثل للقاعدة التي نحن بصددها تتجلى فائدته في التطبيق الإداري للمشروعات المختلفة فهو المجال الخصب لإثبات صحة النظرية وإمكانية الاستفادة منها.
إن صعوبة المتابعة والتقويم للعمل الإنتاجي وصعوبة التخلص من العيوب في الخطوط الإنتاجية كان سبباً رئيساً في إهمال الحصول على مستوى مطلوب من الجودة الشاملة بعد أن حاول كثيرون من العاملين الإداريين تطبيق فكرة الجودة الشاملة, تلك الفكرة الهامة القائمة على المتابعة والتقويم وإخراج العيوب وتقليل الهدر والفاقد.
الهدف العظيم الذي تسعى إليه فكرة الجودة الشاملة هو تقليل العيوب أو منعها تماماً ولما تأكد صعوبة تحقيقه وارتفاع تكاليفه فقد أهمله كثير من المنتجين.
مبادئ أساسية في استخدام القاعدة: تعتمد هذه القاعدة على مبدأين أساسيين يندرج تحتهما كل الخطوات الأخرى:
1. الاختيار الدقيق للعناصر المؤثرة القليلة التي تقع في فئة 20% وللأخرى فئة 80%.
2. الربط القوي بين الوسائل والنتائج بأساليب جديدة ومبتكرة ومتغيرة.
ونحن هنا نطبق قاعدة 20:80 للوصول إلى أعلى إنتاجية بأقل عيوب كالآتي:
1. تقسيم العيوب الموجودة إلى قسمين:a) عيوب خطيرة ومسؤولة عن أكبر نسبة من الشكاوي – 80%.
b) عيوب بسيطة ومسؤولة عن أكبر نسبة من الشكاوي – 20%.
2. نقسم خطوات الإنتاج كالتالي:
a) خطوات مسؤولة عن العيوب a السابقة.
b) خطوات مسؤولة عن العيوب b السابقة.
3. يتم التركيز على متابعة أهم 20% من كل قسم.
هذه الطريقة سوف تساعد على تحسين جودة المنتجات بصورة ملحوظة وإزالة أكبر نسبة من خطر مشكلات الجودة مع التقليل من النفقات.
— في الحياة الدراسية: على أساس اتباع هذه الخطوات:
1. حدد المواد الأساسية التي لها أكبر مجموع من الدرجات واجعلها نصب عينيك في المذاكرة والمراجعة.
2. أما المواد الباقية وهي كثيرة – وليس لها نفس القيمة الكبيرة من الدرجات – فعليك اختيار الأجزاء الهامة منها – وهي قليلة – وهي التي يتكرر ورودها في الامتحانات فعليك بدراستها دراسة جيدة.
3. يبقى عندك أجزاء كثيرة من تلك المواد التي اخترت منها الهام منها فعليك دراسة هذه الأجزاء الكثيرة – غير الهامة – دراسة سريعة بمجهود قليل 20%.
4. حاول المراجعة للجميع بنفس درجة التركيز السابقة في الدراسة.
— في العلاقات الشخصية:
لاشك أننا نتعرف يومياً على أنماط مختلفة من الناس بل وتربطنا بكثيرين علاقات كثيرة وقد تكون علاقاتنا إيجابية وقد تكون سلبية فنحن بحاجة إذن إلى تحديد أقل عدد من هؤلاء للوصول إلى أكبر نتيجة من قوة العلاقات. فعلينا اتباع التالي:
1. انتقاء أفضل الشخصيات التي تتوافق مع أهدافك ومنهاجك في الحياة ولتكن 20%.
2. التركيز معهم في العلاقة الشخصية والتقرب إليهم وتوطيد الصلات معهم بدرجة كبيرة ولتكن 80%.
3. بالنسبة للشخصيات الأقل أهمية فيمكن أن نتعامل معها باهتمام أقل من 20% من الاهتمام مثلاً.
من الواضح أن تطبيق هذين المبدأين يتطلب من المدير قدرة مميزة على حسن التقدير والذكاء وبعد النظر مما يتطلب حسابات وأرقام, وللحصول على تلك الميزة ينبغي الإلمام الكامل بالظروف والملابسات والعلاقات بين الوسائل العاملة.
وإليك بعضاً من النصائح اجعلها علامات على الطريق:
1. انتقِ أهدافك بدقة لكن لا تبلغ حد الإيمان الأعمى بنجاحها رغم تغير الظروف.
2. لا تتردد في تغيير أهدافك واختيار أهداف جديدة عند تغير الظروف المحيطة, ولا تتمسك بأهدافك القديمة إذا لم تحرز النجاح الذي خطط له, وأكرم لك أن تتخلى عنها بمحض رغبتك قبل أن يجبرك غيرك على ذلك.
3. لا تحجم عن الخوض في أي مشروع جديد إشفاقاً من حجم الجهد والموارد المطلوبة لأدائه على خير وجه. ذلك أن ما تسعى إليه يجب أن يكون هو تحقيق 80% من النجاح وليس 100%.
4. امنح الأهداف الحاسمة 80% من وقتك وجهدك ولا تفرط أو تبالغ في وضع الأهداف التي تفقدك تركيزك.
وأهم نصيحة من بين كل ما سبق: يجب أن نتعامل مع قاعدة 20:80 بطريقة غير حرفية أي علينا ألا نتخذ من الرقمين 20 و 80 أرقاماً مقدسة فنراها في كل الظواهر ونقحمها في كل المجالات فلا يجب أن نخضع الواقع للقاعدة بل علينا أن نخضع القاعدة للواقع, فكما أشرنا سابقاً: لا يجب أن تتطابق الأرقام تماماً مع الواقع بل قد تظهر بعض الاختلافات الطفيفة التي يجب مراعاتها. بمعنى آخر, علينا أن نتخذ من قاعدة 20:80 أسلوباً للتفكير وليس ذريعة لعدم التفكير وأسلوب التفكير 20:80 يؤكد أنه من الممكن أن تحصل على نتائج ممتازة باستخدام وسائل قليلة ولكنها فعالة.
إنتبه, قاعدة 20:80 تضع بين يديك وسيلة جديدة للتفكير ولكن تحقيقك لـ 80% من النجاح في تطبيقها يعتمد بالدرجة الأولى على تحديد عناصر النجاح الهامة بدقة وإلا كان الفشل هو النتيجة الحتمية.
هذه القاعدة التي أوضحناها هي قاعدة وسائلية معينة للقدرة على الإنجاز والتميز ولسنا هنا بصدد النصح لتطبيقها على المعاملات الإنسانية الاجتماعية إلا بعد إعادة الصياغة والبحث في طريقة التطبيق, وتظل هذه القاعدة طريقة ناجحة من طرق الاحتفاظ بالطاقة المهدرة والاستفادة لأقصى حد بالطاقة المبذولة.
في الختام, حذار أن تقحم هذين الرقمين في كل شيء فليس لهما قداسة ومن ثم فلا تقلق إذا جاء الواقع مغايراً لهما, وحذار أن تجعل القاعدة ذريعة لعدم التفكير فهذه القاعدة تساعدك في إدارة تحطيطك وإرشادك لكن بهامش مرونة كبيرة فليس كل شيء ملزماً أن يكون بهذه القاعدة.
المصادر:
التعليقات